شهدت البلدان العربيّة، نمطا خاصّا من التّعبير التّشكيلي يستلهم الحرف والعلامة التّراثيّة الخطّية عموما .إلاّ أنّ هذه الممارسة بقيت فرديّة ومتوزّعة على كامل أنحاء العالم العربي. فمنذ الاستقلال و الفنّان العربي يحاول إرساء قواعد فنّه المستقلّ عن المرجعيّة الغربيّة، ساعيا في ممارسته لفنّ الرّسم المسنديّ إلى الانفلات من التّبعيّة للغرب السابق، على الصّعيدين النّظري والتّطبيقي، وكحكم بوصفه يمتلك آليّات التّقييم كما يمتلك السّبق التّاريخيّ.كما أنّنا لا ننفي عنه (أي الغرب) مساهمته في إرساء معظم مدارس الفنون الجميلة وأكاديميّاتها بمختلف أنحاء العالم العربيّ وببلاد المغرب العربي خصوصا.(2) إنعكف الفنّان العربي يبحث في ثنايا تراثه البصريّ وتراثه النّظري، عساه يجد المعطى التّاريخي والحضاري كي يشرّع خطابا موازيا ونريد ضبط هذه المعطيات الأولى من البحث، ذلك أنّنا بهذا التّصنيف الأوّلي نميّز بين التّعامل الكلاسيكي مع الحرف والعلامة الخطيّة لممارسته التّشكيليّة، وكي يجذّر تعبيره التّشكيلّي، يحدوه في ذلك وعي حادّ بالهويّة الحضاريّة والثّقافيّة التي يتمسّك بها ويسعى إلى التّدليل عليها. فقامت في أعقاب الخمسينيّات وفي فترة الستّينيّات محاولات متعدّدة لفنّانين منفردين في الغالب يستلهمون العلامة التّراثــيّة والخطيّة ويوظّفون الخطّ العربي، على هيأته، محوّلا أو مبدلا، في أعمالهم التّشكيليّة المسنديّة. وظهرت في نهاية الستّينات ومفتتح السّبعينات حركات تشكيليّة محليّة وإقليميّة عربيّة تتبلور ضمن مجموعات، أو جماعات مثل جماعة البعد الواحد بالعراق، جماعة أوشام بالجزائر وجمـاعـة الدّار البيضاء بالمغرب أو مدرسة الخرطوم بالسّودان.[3]
| |